في أحد الصباحات قررت الذهاب في رحلة أقل ما يقال عنها أنها مغامرة، حزمت الحقائب، وتوجهت إلى وجهتي. استقبلني مطار دمشق الدولي والنسيم العليل يلامس وجهي، وروائح الجو المنعشة تداعب فؤادي.
لطالما كنت متردد في زيارتي بسبب ما نسمعه عن سوريا، لكن النظرة الأولى كان لها رأيٌ آخر. فـ السوريين المحليين يعيشون في بيوتهم ويستمتعون بالأجواء التي لا تنسى!
![]() |
رحلة سوريا، كيف يمكن للسياحة أن تغير نظرتك للحياة؟ |
إذا كنت تحب المغامرات الاستثنائية فتابع معي هذا المقال، وإليك العناوين:
- في دمشق الياسمين يبتسم!
- حلب وأطعمتها الأكثر من رائعة
- رحلة ما بين الصحراء، والبحر
- تحديات رحلتي لسوريا
- كيف تقضي وقتًا ممتعًا في رحلتك؟
- لماذا نحتاج السفر؟
- اكتشف ذاتك في السفر
رحلة سوريا: في دمشق الياسمين يبتسم!
وصلتُ دمشق وتحديدًا ذهبت إلى أزقتها القديمة، كان هناك شعور بداخلي يقول لي هناك سأجد هدوئي الذي بحثت عنه كثيرًا ولم أجده خارجها، هناك سأجد الراحة بعد أيامي المتعبة.
حجزت في أحد فنادق دمشق القديمة، توجهت إلى القيمرية السوق الممتلئ بالمطاعم التي تقدم مزيج بين الماضي، والحاضر.
تراث كبير دُهشت به عندما ذهبت إلى الجامع الأموي، الذي لطالما كان أحد أهدافي زيارته. ومن شدة ذهولي بالأماكن القديمة لكنها فخمة جدًا أضعت الطريق، فطلبت المساعدة ومن ثم اتجهت إلى الفندق بعد وجبة فطور مدللة، مع التنور السوري.
حقيقةً تمنيت لو أن الوقت الذي خصصته لدمشق كان أكثر من هذا، لكن بقية الأماكن تناديني..
شاهد أيضًا:
السفر حول العالم بأقل التكاليف
حلب وأطعمتها الأكثر من رائعة
في يومي التالي، توجهت عبر الباص إلى مدينة الجمال، وبمجرد ما قرأت لافتة "حلب ترحب بكم" بدأت عصاراتي الهاضمة تزاحمني، وهذا لأنني قرأت كثيرًا عن المأكولات الحلبية، ولم يسبق لي أن أجربها. فاليوم ستتحقق أحلامي في آكل وجبة لذيذة، بنكهة العراقة الحلبية.
وبعد الطعام، لابدّ أن أزور قلعة حلب، وما أدراك ما القلعة! أحجار قديمة مرصوفة بعناية تعود إلى آلاف السنين، أخذتُ كوب قهوة، وتوجهت سريعًا لاكتشاف سوق حلب القديم. وبالتأكيد لم أنسى أن أخذ معي هدايا لأهلي، وأصحابي من صابون الغار الحلبي الأصلي.
مثلما انتهى يوم دمشق، لحقه يوم حلب، وتمنيتُ لو أنني أسكن هناك، وأشتم رائحة سوريا في كل أيامي.
رحلة ما بين الصحراء، والبحر:
في سوريا مزيج مميز، فيمكنك أن تكون في صحراء تدمر، وبعد 3 ساعات فقط تكون في البحر الأبيض المتوسط على شواطئ اللاذقية.
هل تفضل الساحل الرملي، أم الصخري؟ في اللاذقية ستجد مزيج مميز جدًا من السواحل، فـ مهما كان النوع الذي تفضله ستجده حتمًا!
ولا تنسى أن السير على كورنيش اللاذقية عند الغروب هو حكايةٌ أخرى لمعنى الراحة النفسية!
وإذا قلت أنها أجمل رحلة في حياتي، فقد تلمسون شيئًا من التضخم، لكن الواقع مختلف جدًا..
ذو صلة:
أهم 9 مدن في السعودية يمكن زيارتها لغرض السياحة الترفيهية
تحديات رحلتي لسوريا
مثل جميع الرحلات لابدّ أن توجد فيها بعض التحديات، وخصوصًا أن سوريا الجديدة هي وليدة بضعة أشهر فقط، ومن أبرز هذه التحديات:
1- لا خرائط فعّالة: على الرغم من أن سوريا لا تحتاج خرائط، لأنه عندما تضيع فيها ستنتعش، و ستتعرف على طرق جديدة للوقوع في الحب، وهذا في الشوارع القديمة.
بينما في الشوارع الحديثة أنت بحاجة إلى خرائط فعّالة لتكون رحلتك أسلس، وأفضل. وفي حال كان لديك وجهة معينة لئلا تضيع عنها!
2- لا بنى تحتية جيدة: في سوريا لا يوجد انترنت مستقر، أو ساعات وصل كبيرة للكهرباء، والمياه تتوفر 3-4 أيام في الأسبوع بحسب المناطق، ونقصد هنا مياه الفيجة الرئيسية لدمشق في نبع الفيجة.
حرفيًا، السائح المحلي أو السائح الخارجي لا يفكر أن يترك جمال سوريا، ويجلس على هاتفه، أو يتأمل الفندق الذي يجلس فيه ويترك الآثار الرائعة!
3- الاقتصاد منهار، وبالتالي الأسعار متفاوتة: في سوريا كلّ فترة يتم تحديث أسعار المواد الغذائية والمستلزمات اليومية، ولا سيما أن عملة البلد (الليرة السورية) مرتبطة بالدولار الأمريكي. وهي في تذبذب دائم.
كيف تقضي وقتًا ممتعًا في رحلتك؟
1- تذوق طعام لأول مرة: جرّب مجموعة من الأصناف الجديدة عليك، واختر ما يشتهر به البلد الذي ستذهب إليه، وخاصة أن الطعام الشعبي هو طعام مميز في أغلب دول العالم.
الطعام الجديد سيعطيك تجربة ممتعة في رحلتك الشخصية.
2- امشي بدون دليل، ولا خريطة:
لا تعتمد كثيرًا على الخرائط لأنها ستلغي متعة رحلتك، جرّب أن ترتاح يومًا من الخرائط وعش تجربة لا تُنسى!
3- التقط صور تذكارية:
في كل زاوية من رحلتك لابدّ أن تلتقط صورة، تذكرك بالرحلة عندما تعود إلى ديارك، لا تنسى أن اللقطات البسيطة هي الي تصنع فيديو لا ينسى.
لماذا نحتاج السفر؟
أحياناً تمر علينا أيام نشعر فيها بأن الحياة تدور في حلقة مفرغة. كل شيء يبدو مكرراً، الشوارع نفسها، الوجوه المألوفة، الأماكن التي لم تعد تحمل أيّ مفاجأة. في مثل هذه اللحظات، يظهر السفر كمنقذ حقيقي، كنافذة نطل منها على عوالم مختلفة، ولو للحظات.
السفر ليس مجرد رحلة من نقطة إلى أخرى، بل هو رحلة داخلية أيضاً. هو ذلك الانتقال من الضوضاء اليومية إلى لحظات من الهدوء، من ازدحام الأفكار إلى مساحات من الصفاء الذهني.
لحظة إقلاع الطائرة تشبه بداية فصل جديد، مغامرة تسمح لك بكتابة صفحات جديدة بعيداً عن كل ما يعيقك. وعندما تصل إلى وجهتك، حتى أبسط التفاصيل تصبح مميزة، الشوارع تكتسب سحراً مختلفاً، رائحة الهواء تصبح أنقى، وأصوات المدينة الجديدة تتراقص في الذهن كقطعة موسيقية فريدة.
اكتشف ذاتك في السفر:
السفر ليس مجرد تغيير المكان، إنه رحلة لاكتشاف حاجات في نفسك لم تكن تعرفها. لما تبتعد عن روتينك اليومي، حاجات كتير بتتغير في داخلك. كل ضوضاء الحياة تهدأ، وتبدأ تسمع صوتك الحقيقي.
في كل بلد جديدة، بتواجه جزء جديد من شخصيتك. بتشوف نفسك في مواقف مختلفة، بتتعامل مع ناس من ثقافات متنوعة، وبتعرف كيف تستمتع باللحظة من غير ما تفكر في اللي جاي. كل مدينة مثل مراية تعكسلك جوانب مخفية فيك.
دمشق ممكن تذكرك بأصلك وحكايات زمان، وحلب تخلّيك تتعلم الصبر من جدرانها القديمة. أما تدمر فبتفتح لك باب المغامرة، وعلى شاطئ اللاذقية بتحس بلذة الهدوء والبساطة.
كل خطوة بتاخدها في الطريق، وكل شخص بتقابله، يضيف لك حاجة جديدة. وبعدما ترجع، بتكون إنسان تاني: وعيك بيزيد، ومشاعرك تكون أعمق، وقدرتك على تقدير جمال الدنيا حواليك بتكون أقوى.
في كل مرة أسافر فيها، أشعر أنني أعود بشيء مختلف. ليس فقط الصور والهدايا التذكارية، بل شيء أعمق من ذلك. أشعر أنني أصبحت أكثر صبرًا، وأكثر قدرة على فهم الآخرين.
أحيانًا أتساءل: لماذا نحب السفر كثيرًا؟ ربما لأنه يعطينا فرصة لنرى الحياة من زوايا جديدة. نتعرف على أشخاص لم نكن لنلتقيهم لولا تلك الرحلة. نسمع قصصًا مختلفة، نرى أماكن لم نتخيلها من قبل.
في إحدى المرات، كنت في مدينة صغيرة. الجو كان باردًا، والناس كانوا يبتسمون رغم البرد. تعلمت منهم أن السعادة يمكن أن تكون في أبسط الأشياء. في كوب شاي دافئ، أو في محادثة بسيطة مع غريب.
السفر يعلمنا أشياء لا نتعلمها في المدارس أو الكتب. يعلمنا كيف نكون مرنين، كيف نتأقلم مع الظروف الجديدة. وأحيانًا، يعلمنا أن نقدّر ما نملكه في بيوتنا.
العالم كبير جدًا. هناك الكثير من الأماكن التي لم أزرها بعد. الكثير من الثقافات التي لم أتعرف عليها. هذا يجعلني متحمسًا دائمًا للتخطيط لرحلتي القادمة.
في النهاية، السفر ليس مجرد انتقال من مكان لآخر. إنه رحلة داخلية أيضًا. رحلة نكتشف فيها أنفسنا من جديد، ونعيد اكتشاف ما يجعلنا سعداء حقًا.
نحن سعداء بزيارتك لمدونتنا!
إذا كان لديك أي استفسار، رأي، أو تجربة حول ما قرأته، فلا تتردد في مشاركتنا في التعليقات أدناه.
✍️ مشاركتك تهمنا وتثري المحتوى للجميع.
📌 ملاحظة: التعليقات تُراجع قبل النشر لضمان جودة الحوار واحترام الجميع.